بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المخلوقين ،نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد : قال الناظم (رحمه الله):
وقى إلهنا الكريم بوسى ... فيه الخليل والكليم موسى
آدم داوود ابنـه إدريـسا ... أيوب يونس ونوحا عيسى
قوله: (وقى) أي: حفظ ونجى (إلهنا) معبودنا (الكريم) صفة للإله، وهو لغة: الصفوح، والجواد، والسخي، والمعطاء، قال الغزالي:
هو الذي إذا قدر عفا وإذا وعد وفى وإذا أعطى زاد على منتهى الرجاء ولا يبالي كم أعطى ولمن أعطى وإن رفعت حاجة إلى غيره لا يرضى وإذا جفي عاتب وما استقصى ولا يضيع من لاذ به والتجأ ويغنيه عن الوسائل والشفعاء فمن اجتمع له جميع ذلك لا بالتكلف فهو الكريم المطلق وذلك لله سبحانه وتعالى .اهـ
قوله: (بُوسى) بفوقية موحدة وتخفيف الهمزة والقصر على وزن فُعلى كحُبلى، من بَئِسَ، كسَمِعَ، بُؤْساً وبُؤُوساً وبَأساً، وبُؤْسَى وبَئِيسَى: وهي الشدة والحاجة والبلاء، ضد النعمى، قال تأبط شرا:
قد ضقت من حبها ما لا يضيقني...حتى عددت من البوس المساكين.
قال الشارح: وهو "مفعول ثاني مقدم على المفعول الأول وهو الخليل" اهـ وقوله: (فيه) الضمير عاد على عاشوراء و(الخليل) هو أبو الأنبياء، سيدنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ تَارَحَ بن ناخور بن ساروع بن أوغو بْنِ فَالِغَ بْنِ عَابِرَ بْنِ شَالِخَ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سام بن نوح (النبي) على نبينا وعليهما السلام، نجاه الله من نار النمروذ (عليه لعنة الله)
وقوله: (والكليم موسى) معطوف على الخليل، وموسى هو النبي: موسى بن قاهث بن عازر بن لاوى بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم على نبينا وعليهم السلام، نجاه الله من فرعون وجنوده، وأغرقهم في بحر (القلزم) وهو الذي يسمى الآن بالبحر الأحمر.
وقوله: (آدم) وهو النبي أبو البشر، معطوف بحذف حرف العطف، وهذا هو إعراب ما بعده من الأسماء الآتية، تاب الله عليه، ونجاه من العذاب.
وقوله: (داوود) هكذا في الأصل بإثبات الواو الثانية، ويجوز حذفها للتخفيف، قال بعضهم من الطويل:
لقد ظلموا داود في أخذ واوهِ...وقالوا بها إصلاحُ رسمٍ إلى عمرِو
فما زال داود بحسـرةِ واوهِ ... يسلِّطُ زيداً يضربنه أبد الدهرِ. اهـ
وهو: نبي الله داود بن إيشا بن عويد بن عابر بن سلمون بن نحشون بن عويناذب بن ارم بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل على نبينا وعليهم السلام، تاب الله عليه من خطيئته بعد استغفاره.
قوله: (ابنه) الضمير عائد على داود المتقدم، وهو نبي الله سليمان على نبينا وعليه السلام، رد الله عليه ملكه بعدما سلب منه.
قوله: (إدريسا) بألف الإطلاق، هو نبي الله إدريس بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر، واسمه عند العبرانيين (خنوخ) وفي الترجمة العربية (أخنوخ)، رفعه الله من الدنيا الدنية.
قوله: (أيوب) وهو نبي الله أيوب بن موص بن رزاح بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل على نبينا وعليهم السلام، كشف الله عنه الضر حين ناداه.
قوله: (يونس) هو نبي الله يونس بن متّى وينتهي نسبه إلى يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل على نبينا وعليهم السلام، نجاه الله من بطن الحوت.
قوله: (ونوحاً) بالتنوين اسم أعجمي صرف لأن العجمة سبب ضعيف فلا تؤثر في الثلاثي المذكر مطلقا، لقول ابن مالك:
والعَجَميُّ الوضع والتعريف مع ... زيد على الثلاث صرفه امتنع.
وقال سيبويه: ( وأما نوحٌ وهودٌ ولوطٌ فتنصرف على كل حال لخفتها )اهـ وهو: نبي الله نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ - وهو إدريس – كما سبق، على نبينا وعليهما السلام، نجاه الله من الطوفان.
وقوله: (عيسى) وهو نبي الله وكلمته عيسى بن مريم بنت عمران بن ماتان بن اليعازر بن اليود بن أجبن بن صادوق بن عيازور بن الياقيم بن أيبود بن زربائيل بن شالتان بن يوحنيا بن برستيا بن آمون بن ميشا بن حزقيل بن أجاز بن يوثام بن عزريا بن بورام بن بوسافاط بن أسا بن أبيا بن رخيعم بن سليمان بن داود على نبينا وعليهم السلام، نجاه الله من اليهود الذين أرادوا قتله، فرفعه الله إليه وألقى الشبه على "برجيس" الذي دلهم على مكانه، فقتلوه صلبا ظنا منهم أنه هو عيسى، (عليهم من الله ما يستحقون) .
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى ءاله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.