بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه وبعد:
الكابوس او الجاثوم او الخانق او النيدلان ويسمى عندنا في المغرب : بغرار
قلت :
قال ابن سيناء في القانون : الكابوس ويسمى الخانق وقد يسمى بالعربية الجاثوم والنيدلان. الكابوس مرض يحس فيه الإنسان عند دخوله في النوم خيالا ثقيلا يقع عليه ويعصره ويضيق نفسه فينقطع صوته وحركته ويكاد يختنق لانسداد المسام وإذا تقضى عنه انتبه دفعة وهو مقدمة لإحدى العلل الثلاث إما الصرع وإما السكتة وإما المانيا وذلك إذا كان من مواد مزدحمة ولم يكن من أسباب أخرى غير مادية ولكن سببه في الأكثر بخار مواد غليظة دموية أو بلغمية أو سوداوية ترتفع إلى الدماغ دفعة في حال سكون حركة اليقظة المحللة للبخار ويتخيل كل خلط بلونه. وعلامة كل خلط ظاهرة بالقوانين المتقدمة. وقد يكون من برد شديد يصيب الرأس دفعة عند النوم فيعصره ويكثفه ويقبضه ويختل منه تلك الخيالات بعينها ولا يكون ذلك إلا لضعف أيضا من الدماغ لحرارته أو سوء مزاج به.
المعالجات: علاجه الفصد والإسهال بما يخرج كل خلط وإن كانت الأخلاط غليظة كثيرة ينتفع بهذا المسهل ونسخته: يؤخذ من الخربق مقدار درهم مع ثلث درهم سقمونيا وربع درهم شحم حنظل ودانقين أنيسون إن كانت القوة قوية وإلا حب اللازورد أو حب الأصطمحيقون الأفتيموني أو الأيارجات الكبار: أيارج قثاء الحمار وأيارج روفس خاصة ثم يقوي الرأس بما تعلمه من القانون الكلي. ومما ينفع منه سقي حب الفاواينا على الاتصال وإن كان السبب فيه بردا يصيب الدماغ فيؤثر فيه هذا الخيال فيجب أن يستعمل الأدهان الحارة المسخنة القابضة والضمادات المحمرة وغير ذلك ويجب أن لا يطول الكلام فيه فقد تقدم منا ما يغني.
وقال داود الانطاكي في التذكرة : كابوس تحيز بخارات في مجرى النفس تتراقى إلى الدماغ أو تنصب منه دفعة حين الدخول في النوم .
(وسببها) : إفراط ما عدا الصفراء والاكثار من الأغذية التي توجبه وإنما يقع لا نحصار الحرارة وتنقضي بالتحلل والاضطراب وحقيقته تأذى الأعضاء بما ذكر والمدرك منه شئ ثقيل يبطل الحركة والكلام وهو مقدمة الصرع فيجب إزالته.
(وعلامته) : الثقل ولزوم الرطوبة إن كان عنها وإلا السوداء .
(العلاج) : فصد القيفال أولا في النازل من الدماغ وفى الدم المشترك في التراقي والفرق بينهما بدؤه من الأعلى في الأول ثم تلطيف الخلط والقئ في البلغم بالفجل والسكنجبين والاستفراغ بالأيارج وفى السوداء بطبيخ الأفتيمون .
وقال الرازي : ان الحب الاسود لعود الصليب وهو ورد الحمير او الفاوانيا انه متى شرب منه خمس عشرة حبة بالشراب المسمى ماء القراطن أو بالشراب نفعت من اختناق الأرحام والكابوس.
وقال ابن البيطار : وثمر الفاوانيا إن تدخن به نفع من الصرع والجنون، وإن نظمت منه قلادة وعلقت في عنق صبي يفزع ذهب ذلك عنه ولم تقر به الأرواح المفسدة والدهن المستخرج منه إن سعط المصروعون بشيء يسير منه مع مسك وزعفران وديف بماء السذاب فإنه يبرئ من الصرع.
وقال إبن ماسه: عود الفاوانيا إذا سحق وجعل في صرة واستنشقه المصروعون دائماً نفعهم جداً.
وقال الرازي في كتاب السموم: زعم ديمقراطيس أن أصله وثمره نافع لكل مرض إذا تدخن به وينفع المجانين الذين يصرعون بغتة ويعتريهم تغير العقل، وإذا علق على من يمشي في البراري حفظه من جميع الآفات.
قال بديغورس: وبدله إذا عدم وزنه قشور الرمان وفرو السمور وعظام أسوقة الغزلان فإن هذه إذا جمعت أدت من خاصة الفاوانيا.
وأفضل ما يعالج به الفصد والاسهال والقيء .
وفي الخواص : حمل الفاوانيا والملح والحديد ينفع منه .
وقراءة آية الكرسي والزلزلة والكافرون والاخلاص والمعوذتين نافع من الجاثوم الذي هو من الارواح الشريرة .
وكذلك تلاوة آية : {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201].