1 - تعريف الطالع:
ـــــــــــــــــــــــــــ
الطالع في اللغة: اسم فاعل، من طلَعَ يَطلُع، طُلُوعًا، فهو طالِع، وطلعت الشمس والكوكب من باب دخل و(المطلع) بفتح اللام وكسرها موضع طلوعها. ومنه قوله تعالى:
{وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ ...} [الكهف: 17] الآية
وقال في التاج:
"وكل باد من علو: طالع". انتهى
وفي الاصطلاح أهل الفلك: هو البرج الموافي لأفق المشرق من منطقة البروج في وقت مفروض، فطالع المولود مثلا: هو البرج الذي يكون طالعا وقت ولادته. انظر: معجم مقاليد العلوم، للسيوطي (ص: 29) وكتاب التفهيم للبيروني (ص:123) كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي (2/1139).
والمراد بالطالع هنا هو طالع الوقت: وهو عبارة عن البرج الذي يكون طالعا في ذلك الوقت المعين.
2 - طريقة معرفته:
ــــــــــــــــــــــــــــ
لمعرفة البرج الطالع في أي وقت هناك عدة طرق حسابية فلكية سنبينها بالتفصيل عندما نصل الى موضعها في شرحنا لمتن المقتع - ان شاء الله - وهذه طريقتان سهلتان لمعرفة طالع الوقت:
مقدمة لا بد منها
أ) – قبل كل شيء يجب عليك ان تعرف أولا عدد الساعات الماضية من الشروق – هذا ان كان الامر بالنهار- الى الساعة التي أنت فيها بالحساب الفلكي، فالساعات النهارية 12 ساعة دائما من الشروق الى الغروب سواء كان ذلك في مدة زيادة النهار على الليل أو نقصانه، وهكذا الليل ايضا، فنعطي لكل برج حقه مبتدئين من درجة الشمس فحيث نفذ العدد فهو البرج الطالع .
ب) - اعلم: ان البروج مرتبة دائما هكذا: الحمل الثور الجوزاء السرطان الاسد السنبلة الميزان العقرب القوس الجدي الدلو الحوت – ونظمها بعضهم فقال :
حمل الثور جوزة السرطان ... ورعى الليث سنبل الميزان
ورمى عقرب بقوس الجدي ... نـزح الدلو بـر ْكة الحيتان.
فابدأ الحساب من البرج الذي فيه الشمس على ترتيب البروج السابق ذكرها.
ج) - اعلم: أن الشمس تمكث في كل برج شهرا على التقريب، فتحل في كل سنة في برج الحمل في 8 مارس فتمكث فيه شهرا ثم تحل في البرج الذي بعده وهو الثور في 9 من ابريل فتمكث فيه شهرا ثم تحل في البرج الذي بعده وهو الجوزاء في 10 ماي فتمكث فيه شهرا ثم تحل في البرج الذي بعده الخ الترتيب السابق.
د) - اعلم : ان العلماء قد قسموا دائرة البروج ( ْ360 ) على هذه البروج الـ 12 فخصصوا لكل برج 30 درجة
فإذا طلع برج في الشرق( ويسمى ذلك الطالع) غاب سابعه في الغرب ( ويسمى ذلك النظير) ولكي يتحرك البرج من الشرق في إتجاه الغرب فإنه يتحرك درجة درجة والبروج ليست متساوية في مقدار حركتها حيث يكون لها مقدار في الأفق الشرقي ومقدار آخر في وسط السماء.
واليك مقدار مكثها على الافق الشرقي فبرج الحمل يمكث (1ت - 25 ق) ، والثور (1ت - 33 ق) ، والجوزاء (2 ت - 00 ق) والسرطان (2 ت - 18 ق) ، والاسد (2 ت - 22 ق) ، والسنبلة (2 ت - 18 ق) ، والميزان (2 ت - 19 ق)، والقوس (2 ت - 18 ق)، والجدي (2 ت - 00 ق) والدلو (1 ت - 37 ق)، والحوت (1 ت - 23 ق) .
تنبيه : قد اصطلح علماء هذا الفن على اختصار بعض الكلمات، فرمزوا للبروج بحرف الجيم هكذا: ( ج ) وللدرجة هكذا: ( جه ) وللدقائق هكذا: ( ق ) وللثواني هكذا: ( ني ) وللساعات هكذا: ( ت ) وللكوكب المستقيم هكذا: ( م ) وللكوكب الرجع هكذا: ( ع ) .
واليك مثال الطريقة الاولى لمعرفة الطالع في أي وقت:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اردنا معرفة الطالع ليوم الثلاثاء 26 مارس 2013 الساعة الرابعة بعد الزوال بتوقيت جرينتش، وكان شروق الشمس في مدينة اكادير في الساعة 6 – 32 دقيقة، والغروب سيكون في الساعة 6 – 58 دقيقة، فحسبنا عدد الساعات النهارية فكانت: 12 ت 26 د ، ثم حسبنا من الشروق الى الساعة المطلوبة فكان : 10 ت 09 د والشمس الآن في الدرجة الخامسة [5 جه] من برج الحمل، فاعطينا لبرج الحمل 1 ت ، وهي مدة ما يخص باقيه، أي الـ 25 درجة الباقية من برج الحمل، وهي من قسمة مدة مكث الحمل على الافق الشرقي وهو كما سبق: " 1 ت 25 د مقسوم على 30 جه والخارج يضرب في 25 الدرجة الباقية، فصار الباقي بعد ما أعطينا الحمل حقه 9 ت 09 د .
فأعطينا برج الثور (1ت - 33 ق) ، والجوزاء (2 ت - 00 ق) والسرطان (2 ت - 18 ق) ، والاسد (2 ت - 22 ق) فكان الباقي بعد ذلك 1 ت 02 د وهو ما يساوي 14 درجة من برج السنبلة، وهو الطالع في الساعة 4 ت 00 د بعد زوال يوم الثلاثاء 26 مارس 2013، وسابعه - أي نظيره الغارب في الغرب – هو الحوت، والدرجة مثل الطالع – أي: 14 درجة من الحوت.
الطريقة الثانية وهي أسهل طريقة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن تضرب ما مضى من الليل أو اليوم من الساعات الفلكية في ستة وزد على الحاصل الدرجات الماضية من البرج الذي الشمس فيه ثم اقسم الحاصل بأن يعطي لكل برج من البروج الذي الشمس فيه ثلاثين ثلاثين فالمنتهى هو البرج الطالع ودرجته.
مثال ذلك: إذا أردنا أن نعرف طالع الوقت من اليوم الذي مضى منه خمسة عشر طاسا فلنضرب خمسة عشر في الستة صار تسعين والشمس حينئذ مثلا في السرطان في الدرجة السادسة عشر فزدنا ستة عشر على تسعين صار مائة وستة وابتدأنا من السرطان الذي الشمس فيه فإذا قسمنا لكل برج من السرطان ثلاثين انتهى بدرجة السادسة عشر من الميزان فعرفنا أن البرج الطالع في ذلك الوقت هو الميزان والدرجة الطالعة منه هي الدرجة السادسة عشر.
الطريقة السوسية العتيقة، وهي عسيرة بعض الشيء، بل هي أعسر مما تقدم قال صاحب المقنع:
قد وُضعت للظهر والعصر حروفْ ... طَزَهْ جَبَا أَبْدَهُ حَيٌ، للصفوفْ
في مستـــوٍ قـــفْ والظّـــلالَ علـــمِ ... وكِــلْ لشـهــرٍ حرفــه بالقــَدم
مــعْ سبعــة للعصــر، ثــم إن تــرد ... كــم ساعــةً فسبعــةً للظـل زد
وما بقِـي مـن بعـد طرحـك الـزوالْ ... فـاقْسمْ عليه "مَبْ" وقبله يُقال:
مَــضى وبعـده بقــي، والســاعـــهْ ... بمنـزل والسـدس يا ذا الطاعـهْ
مـن شـمسـنـا وطـالــع اللـيـل بـهـا ... من غيـر سـبـع فـلـتـكـن منتبها
الشرح المختصر:
ــــــــــــــــــــــــــ
قوله: [قد وُضعت للظهر والعصر حروفْ] أي: أن بعض العلماء وهو "ابن حبيب المالكي" قد وضع لكل شهر من الشهور العجمية الاثني عشر، حرفا من الحروف الهجائية، يُعرف بها دخول وقت صلاة الظهر وصلاة العصر، وهي قوله: [ طَزَهْ جَبَا أَبْدَهُ حَيٌ ] فالطاء لشهر يناير، والزاي لفبراير، والهاء لمارس الخ الشهور المعروفة على نفس الترتيب، قال شيخ شيوخنا سيدي صالح الالغي: "وهذه الحروف تدل على "أقدام الزوال" في اليوم الاول من الشهر فقط، وينظر في غير اليوم الاول الى أقدام اول الشهر الذي بعده، فان كانت ناقصة – وهذا في الشهور الستة الاولى – يقسم ما نقصت به على ايام الشهر الاول، وان كانت اقدام الشهر الثاني زائدة – وهذا في النصف الاخير من السنة – يزاد خارج القسمة على اقدام اليوم الاول، ففي نصف ينير مثلا: كانت اقدام الزوال ثمانية، وفي العشرين منه كانت سبعة وثلثي قدم.
ففي كل خمسة ايام ينقص ثلث القدم، وفي كل يوم ينقص خمس الثلث، وفي اول يوليوز قدم واحد، وفي اول غشت اثنان، بزيادة واحد يقسم على الشهر ثلثه لكل عشرة ايام، وثلث عشره لكل يوم، فبعد عشرة ايام من يوليوز يكون في الزوال قدم وثلث، وبعد عشرين منه قدم وثلثان، لانه في كل عشرة أيام يزاد ثلث القدم، وفي كل يوم يزاد عشر ثلثه، وهكذا ... والله أعلم". انتهى بالحرف
قوله [للصفوف] أي: وضعت هذه الحروف لمن اراد ان يصليفذا، ولمن اراد ان يصلي في الصف والجماعة، ولكن هذا الآخر بعد أن يزيد عليها ربع القامة، على المشهور من مذهب مالك، وذلك قدمان غير ربع.
قوله: [في مستـــوٍ قـــفْ والظّـــلالَ علـــمِ ... وكِــلْ لشـهــرٍ حرفــه بالقــَدم
مــعْ سبعــة للعصــر]
هذه صفة معرفة الظل بهذه الحروف، وهو ان تقف في مكان مستو ليس فيه حفرة ولا عقبة، وعلم منتهى ظلك ببصرك، -أي:اعرف منتهاه- ثم تكيله بالقدم، فانك تبتدئ من رأس القدم الذي وقفت عليه، ولا تحسبه بنفسه، وهذا اذا كانت العلامة امامك والشمس وراءك.
فان وجدت من الظل مقدار نقط حرف الشهر الذي انت فيه، فذلك وقت الظهر، ثم تزيد على ذلك الحرف سبعة اقدام، فما اجتمع فهو اقدام ظل العصر، في ذلك الشهر، وهذا معنى : "مع سبعة للعصر".
قوله: [ ثــم إن تــرد ... كــم ساعــةً فسبعــةً للظـل زد
وما بقِـي مـن بعـد طرحـك الـزوالْ ... فـاقْسمْ عليه "مَبْ" وقبله يُقال:
مَــضى وبعـده بقــي]
أي: انك اذا اردت كم مضى من الساعات من النهار، فقس الظل لذلك الوقت بالاقدام، وزد عليه سبعة ابدا، ثم انقص من ذلك "أقدام الزوال" في ذلك الشهر الذي أنت فيه، وما بقي فاحفظه إماما، ثم اقسم عليه نقط "مب" وهو : اثنان وأربعون، فما خرج في القسمة فهو: "الساعة".
لكن ان كنت عملت ذلك لما قبل الزوال، فذلك الخارج عدد الساعات الماضية من نهارك، وان عملت لما بعد الزوال، فذلك عدد الساعات الباقية من نهارك، فاطرحها من اثني عشر، يبق ما مضى من نهارك، وهذا معنى قوله: "وقبله" أي: وقبل الزوال "يقال مضى" أي: يقال: هذا الخارج هو الماضي، "وبعده" أي بعدالزوال يقال: "بقي" أي: هذا هو الخارج الباقي.
تنبيه: اذا بقي لك في القسمة اقل من المقسوم عليه، فانسبه من المقسوم عليه، فما كانت القسمة فهي كسر من الساعة، فتصيفه الى الخارج، فيكون المجموع ما مضى أو ما بقي، فافهم.
قوله: [والســاعـــهْ ... بمنـزل والسـدس يا ذا الطاعـهْ
مـن شـمسـنـا]
أي: اذا اردت ان تعلم أي منزل هو الطالع في وقتك على الافق، فانظر كم عندك من الساعات الماضية من النهار، وابدأ بها من المنزل الذي فيه الشمس في ذلك اليوم، وأعط لك ساعة مضت منزلا وسدسا حتى تنفذ الساعات، فالمنزل الذي وقفت عليه هو الطالع في ذلك الوقت الذي انت فيه على الافق الشرقي. انتهى من شرح المقنع
قلت: لم يذكر المؤلف في الشرح طريقة معرفة الطالع من البروج، وسنذكرها على وجه الاختصار والتقريب، قد علمت فيما تقدم كيفية استخراج ما مضى من ساعات النهار، فاذا استخرجت ماضي الساعات او باقيها، فان كل طالع من البروج تمضي معه ساعتان، لان النهار فيه اثنا عشر ساعة، ويطلع في كل يوم ستة ابراج، فابدأ الحساب من البرج الذي فيه الشمس على ترتيب البروج المرتبة هكذا: الحمل الثور الجوزاء السرطان الاسد السنبلة الميزان العقرب القوس الجدي الدلو الحوت – ونظمها بعضهم فقال :
حمل الثور جوزة السرطان ... ورعى الليث سنبل الميزان
ورمى عقرب بقوس الجدي ... نـزح الدلو بـر ْكة الحيتان.
وقد قسم العلماء الدائرة الى 360 قسما سموا كل قسم درجة فقسموا الدرج على البروج ال12 فخص كل برج 30 درجة فاذا طلع برج في الشرق غاب سابعه في الغرب وسابع البرج يسمى نظيره فالحمل نظيره الميزان اي سابعه وهكذا الخ
وقد نظم بعضهم البروج ونواظرها فقال :
حمل لميزان وثور لعقرب
وفي منكب الجوزاء قوس مماثل
كذا سرطان الجدي والليث دلوه
وفي كفة العذراء حوت مقاتل
اعني الحمل نظيره الميزان والميزان نظيره الحمل والثور نظيره العقرب والعقرب نظيره الثور الخ
وهذه الطريقة اختصرناها جدا جدا فرارا من التطويل الممل،وهي عسيرة الفهم لمن لم يقرأها على شيخ مباشرة، والله أعلم.