لماذا الصيام عن الروح في الرياضة الروحانية ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على صاحب أزكى سيرة محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.أما بعد:
فقد كثر التساؤل عند الطلبة الروحانيين عن الصيام عن الروح وما خرج من الروح لماذا؟؟؟؟
ولمعرفة السر في ذلك، فلابد ان نعرف ان العلوم الروحانية مبنية علي أسس علمية وأخري روحية، فالطاقة والمادة يعتبران من الاساسيات في وجود الكون، والطاقة هي كل ما في الكون من قوي سواء كانت منظورة كطاقة الضوء، أو محسوسة كطاقة الريح، أو روحية كطاقة المشاعر والأحاسيس، وهذا هو ما يهمنا هنا .
فاللحوم يوجد فيها مواد بروتينية وألياف وأوصال شديدة التعقيد وتحتاج إلي مجهود من المعدة لهضمها وأيضا للتخلص منها، وهو ما يعني سحب الدم من المخ للمعدة للمساعدة علي العملية وأيضا لدفع المكونات منها إلي الكبد إلي بقية الجسم .وهو مجهود يتعب القوى الجسدية ويصرفه إلي عملية بروتينية في غاية التعقيد.وهنا نحس بالرغبة في النوم والكسل بعد الطعام ؟؟؟....
إنها مضادات الحركة الروحية في جسد الإنسان الروحاني، وكذلك ما خرج منها لانه ايضا يوجد به بروتينات ومعدنيات غير مرغوب فيها لدى الارواح اللطيفة الخفيفة
وهل نمتنع عنها نهائيا ؟؟؟؟؟
لا فقط فترة الرياضة، كي نتشبه بالارواح العلوية التي لا تأكل ولا تشرب الا بالذكر والتسبيح، ونتعود علي الصورة الروحية، ونخرج بها من التعلق بالدنيا وملذاتها إلي عالم آخر نري فيه القوة الكونية، لأننا نأكل لنعيش، وليس اننا نعيش لناكل.
ولا بد لأي روح يُراد لها أن تؤثر في واقع الحياة البشرية من خلوة وعزلة بعض الوقت، وانقطاع عن شواغل الأرض من المآكل الشهية وضجة الحياة، وهموم الناس الصغيرة التي تشغل الحياة.
وقد كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم، يخلو بغار (حراء) أيّاما ذوات العدد، يتزوّد لها بالطعام والشراب ،ثم يرجع إلى بيته فيتزود لمثلها، وكان في تلك المدّة يرى أنوارا، ويسمع أصواتا.
فالتزود هو: استصحاب الزاد وهو الطعام الذي يحمله المسافر، ومن المعلوم أن مدة الخلوة كانت شهرا، فكان يتزود لبعض ليالي الشهر فإذا نفد ذلك الزاد رجع إلى أهله فيتزود قدر ذلك ولم يكونوا في سعة بالغة من العيش، وكان غالب قوت الناس في عهده صلى الله عليه وسلم التمر، وأما اللحم واللبن فيبعد أن يكون زادا له لانه لا يدخر ويسرع اليه الفساد.انتهى
وهذه سنة الانبياء، فان موسى لما ذهب لميقات ربه، أمره بصيام أربعين يوما، قال الزجاج في تفسيره:
(ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر)
قيل أمره الله أن يصوم ثلاثين يوما، وأن يعمل فيها بما يقربه إلى الله.
وقيل في العشر أنزلت عليه التوراة وكلم فيها.
وقال بعضهم لما صام ثلاثين يوما أنكر خلوف فيه فاستاك بعود
خروب، فقالت الملائكة إنا كنا نستنشئ من فيك رائحة المسك فأفسدته
بالسواك. فزيدت عليه عشر ليال.
والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا دائما أبدا إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين.